الخميس , نوفمبر 21 2024

الحرب… لعنة البشرية؟

ترتبط الحرب بالبشرية حتى ليبدو أنها لعنة. منذ وجد الإنسان، أو منذ العصر الحجري الحديث على الأقل، وهو مبتلٍ بالحرب. والحرب كما يعرفها البعض، يقصد بها العنف المنظم الذي تقوم به وحدات سياسية ضد بعضها البعض.

تاريخنا الحديث مليء بشواهد ذلك؛ أبرزها الحربان العالميتان اللتان أديتا إلى دمار هائل، وأهدرت فيهما أرواح وموارد كثيرة كان يمكن توجيهها بصورة أكثر ربحية نحو مشاريع أخرى، مثل التعليم والرعاية الاجتماعية والتنمية.

هكذا، دراسة الحروب بين الدول، لها من الأهمية، إنسانيا وفكريا، ما لا ينبغي تعديه؛ فكلما علم الإنسان أكثر بأسبابها، استطاع التقليل من احتمال وقوعها.

العصر الحديث: وتيرة حروب منخفضة لكن بتكلفة أكثر ارتفاعا!

أكيد أننا لا نعرف الكثير عن أهداف الحرب في عصور ما قبل التاريخ، لكن يفترض على نحو معقول، يقول ليبو، أنها نشأت عن صراعات على النساء وآبار السقي وأراضي الصيد والأراضي التي اعتبرت ذات قيمة لأسباب دينية واقتصادية.

هكذا، لا بد وأن الحرب منذ وقت مبكر كانت الوسيلة الرئيسية، التي سعى من خلالها المحاربون ومجتمعاتهم إلى الحصول على الشرف والهيبة والمكانة.

إجمالا، ثمة أربعة دوافع عامة حدت بالدول إلى بدء حرب، هي وفق ليبو: الخوف، المصلحة، المكانة، والانتقام.

لكن بامتداد الزمن، صارت الحرب تمثل أحد أكبر مصادر القلق للشعوب، وذلك نتيجة النزعات القومية التي تولدها الحروب، إضافة إلى التجنيد العسكري الإجباري، ناهيك عن تكلفتها التي ارتفعت بعدما صارت أهدافها “وطنية” وأبعد أثرا.

انت الحرب العالمية الثانية فارقة في التاريخ؛ فبعدها تمكن المنتصرون من جعل أوروبا منطقة سلام. هكذا، كانت العقود التي تلت عام 1945، الأكثر سلمية في التاريخ من حيث عدد الحروب بين الدول وحجم الخسائر التي نجمت عنها في الأرواح.

ثمة إجماع بين العلماء، يقول ليبو، على أن الحرب بين الدول في انخفاض، على عكس العنف داخل الدول. من منظور تاريخي، تواتر الحرب في انخفاض طوال العصر الحديث.

لكن، وإن ازدادت دقة نظم الإطلاق، التي أسهمت في تحول تركيزها من السكان إلى الأصول العسكرية والبنية التحتية الاقتصادية، وإن نجح المنتصرون بعد 1945 في إقرار السلام في أوروبا وبعض الدول، إلا أن الممارسة العملية لم تحدث فرقا كبيرا، كما لم ينجح العالم في درء أكثر من خمسين حربا “صغيرة” نشبت خلال العقود السبع الماضية.