الخميس , نوفمبر 21 2024

السلام والتعايش الديني.

بقلم الأستاذ والأديب عبد الإله القُدسي

إن الشعوب  المحبة للسلام أكثر تطوراً وازدهاراً حضارياً من الشعوب التي مزقتها الصراعات البينية، وتحكمت  فيها وما زالت القوى الطامعة في نهب ثرواتها عبر تجهيلها وتشويه إرثها التاريخي، مما يجعلها إمعةً في يد أعدائها تحركها كيف شاءت في أي ظروف كانت لصالح مستعمريها، وإبقاء هذه الشعوب تحت أنظمة تابعة، لا متبوعة تستغل ضعفها وهشاشة اقتصادها التابع للقوى الاستعمارية، والملاحظ أن منهاج هذه الشعوب المتخلفة علمياً، وتعليمياً يخدم القوى المهيمنة لمسخ أجيالها، وهذا ما هو مشهود في معظم الأقطار العربية إن لم يكن جميعها.

إن القوى الاستعمارية ترفع الآن راية نشر السلام، والسلام في مفهومها هو الاستسلام، أي أن تستسلم الشعوب الواقعة تحت هيمنتها لكل ما يمليه المستعمر عليها.

إن الشعوب التي تحقق فيها السلام بمفهومه الصحيح، يسود فيها كل خير لإنسانها، لأنها حرةُ في إرادتها، وتعمل ليل نهار من أجل سعادة مواطنيها على مختلف اتجاهاتهم الدينية، واحترام معتقداتهم الروحية والفكرية على حدٍ سواء، والإسلام الذي جاء منقذاً للبشرية من الجهل والضلالة ومن هدر دم الإنسان للإنسان، لم يصد أبواب الحياة في وجوه أي شعب أو أمة من الأمم ولم يسلب المسيحيين ولا اليهود حرية مزاولة معتقداتهم، سوى أنه فرض جزية على من يدينون بالديانتين، ناهيك عن الوثنيين كا المجوس وعباد البقر وسائر المخلوقات، منطلقاً إلى تجسيد معني الآية الكريمة ((لكم دينكم ولي دين)) وهذه الآية نزلت أثناء احتضار أبي طالب ((عبد مناف بن عبد المطلب )) عم رسول الله محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم، وحتى نضرب مثلاً على حرية الأديان، ذلك ما انتهجه الفاروق عمر بن الخطاب لحظة دخوله بعد فتح فلسطين (القدس)، لم يهدم كنيسة، ولم يفرض على المسيحيين الخروج من عقيدتهم، ولم يأمر بإبادتهم تحت مبرر أن كتابهم الإنجيل تعرض للتشويه والتزييف. إن القوى الاستعمارية بوسائلها الإعلامية المضللة وبأتباعها العملاء تعيث فساداً في الأرض، وتشوه مفهوم الإسلام الصحيح خدمة لبقاء نفوذها الإجرامي والطاغوتي في موطن الإسلام، ومهبط وحيه ونزول قرآنه لتختلق وللأسف صراعات في المجتمعات العربية والإسلامية بغية تمزيق معتقداتها، ووحدة صفها ليتسنى لها السيطرة الكاملة على أرض العروبة والإسلام، لتبقى هي سيدة على كل العالم، وهذا يستحيل حدوثه مهما كانت الأسباب الذرائعية لها، ولعل كلمة الفاروق عمر بن الخطاب ما زالت تطن في الآذان : ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهم أحرارا)).

Check Also

أطفال اليمن … الأكثر موتا وبؤسا في العالم.

يرى مراقبون أن الطفل اليمني يعاني من أزمات عديدة منها سوء التغذية والتعليم والصحة والحق …